البرلمان اللبناني

لندن – حسان حرب

تحليل سياسي

لبنان… أزمة دستور أنتج نظاماً يدير أطرافه الأقوياء توازن الرعب والتخويف بين الطوائف. فبعد الأزمات الكبيرة والخطيرة التي حلت بلبنان، طرح كثيرون من الدارسين والمحللين السياسيين والقانونيين أسئلة. هل هي نتيجة أزمة نظام ودستور فشل في الاستمرار وتأمين الاستقرار السياسي والأمني ورفاهية المواطن اللبناني؟ أم نتيجة الفساد. وغياب الحس الوطني والرادع الأخلاقي؟

وهل الحل باستفتاء شعبي على دستور جديد. وذلك للخروج من توازن الرعب بين الطوائف؟

أفضل وصف للدستور في لبنان هو أنه أنتج نظاماً أوليغارشياً طائفياً (أوليغارشي = زعيم بلطجي طائفي يغتني من عائدات الدولة ويملك السلطة والقرار). حيث لا سلطة مركزية، بل توزيع للسلطة على أطراف منتفعة. ترتكز في قوتها على أتباع من الطائفة يحمون الزعيم الأوليغارشي ويتنفعون منه وتصبح لقمة عيشهم مرتبطة ببقاء الزعيم – الأوليغارشي.

رؤساء وليس رئيساً

فليس صحيحاً أن هناك رئيساً في لبنان. بل هناك رؤساء يوزعون المغانم في ما بينهم بوجود حاكم “المركزي” الذي يملك سلطات تكاد تفوق سلطات الرئيس نفسه.

إذن العلاقة بين الأوليغارشيين هي علاقة عضوية. فاستمرار أحدهم وديمومة تدفق الملايين عليه مرتبطان ببقاء نظرائه الآخرين وهذا ما يفسر بقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى اليوم حاكماً بأمر المركزي والدولار وبغطاء وحماية من الزعماء الفاسدين.

ويبقى السؤال: هل الحل بتغيير الطبقة الحاكمة أم بتغيير الدستور نفسه؟

والاجابة واضحة وضوح الشمس وقد عكستها نتائج الانتخابات الأخيرة التي رغم كل الازمات التي مرت على لبنان أخيراً. ومعاناة اللبنانيين الشديدة وتدهور الاقتصاد الى ادنى مستوياته في التاريخ. انتخابات أنتجت مجموعات طائفية من النواب مع بعض الاستثناءات القليلة جداً.

الحل باختصار

فالحل، باختصار، بإعادة صياغة دستور جديد. دستور مبني على أساس انتماء اللبناني إلى وطنه وليس طائفته. دستور يعامل اللبنانيين على أساس إنساني وليس طائفياً، فطالما بقي نظام “الستة والستة مكرر” لن تقوم قائمة للبنان وسيبقى يتخبط بأزماته. ولنعترف لمرة واحدة أن اتفاق الطائف كان اتفاقاً مؤقتاً أوقف الحرب الأهلية، ولكن الحرب الباردة بين الطوائف بقيت ولن تتوقف الا اذا الغي الدستور الطائفي وأعيدت صياغة دستور يحترم الانسان اللبناني على أساس حقوقه الانسانية ومرجعه القوانين المدنية الانسانية وليس الزعيم.

أمُ الأزمات

باختصار الأزمة هي نتيجة مجموع الأسباب المذكورة أعلاه (دستور عقيم فاشل وادارة فاشلة وغياب الاخلاق وانتشار الفساد) ولكن، أمُ هذه الازمات والمشاكل هي الدستور. وباختصار أشد الدستور في لبنان لا ينتج إلا فاسدين وطائفيين لأنه مبني على أساس لاإنساني. مبني على إدارة الزعماء الطائفيين لـ”توازن الخوف والرعب” بين الطوائف.

شد العصب الطائفي

فعندما يشعر زعيم بأن سلطته تراجعت يعود الى سلاحه الفتاك بتخويف تابعيه من زعيم أو زعماء آخرين وذلك بهدف شد العصب الطائفي واعادة تدعيم سلطاته وهنا يكمن المرض الحقيقي في لبنان فطالما بقي زعماء طائفيون بقيت سياسة التخويف من الآخر وسياسة شد العصب الطائفي.

في المقابل نحتاج الى سياسة شد العصب الوطني والانتماء الى الوطن لا الطائفة وليحكم من يحكم وليترأس من يترأس الحكم طالما بوصلته الانسان اللبناني وحب الوطن ولا يهم ان كان مسيحيا ام مسلما، شيعياً أم سنياً أم مارونياً… الخ…

دستور إنساني

للأسف لنصل الى الدستور الانساني لا الطائفي نحتاج الى مسيرة من السنين والأجيال لتتربى على تلك الأخلاق الوطنية النبيلة بوجود أحزاب إنسانية وطنية يشعر أي لبناني بانتمائه اليها بغض النظر عن دينه وطائفته لنصل الى جيل من الابناء الصالحين للبنان، إذا اعتدى العدو على جنوبه يهب الجميع من جنوبه الى شماله وشرقه وغربه للدفاع عنه وتصبح كل قطعة من لبنان غالية على قلب كل لبناني وينعم الجميع بخيراته، خصوصاً أن الوعود والآمال كبيرة بوجود كميات هائلة من الغاز والنفط التي تجعل لبنان بلداً غنياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *