لندن – حسان حرب:

لنكن عقلانيين لا انفعاليين في الرد على إحراق نسخة من القرآن الكريم. فمع تواصل الرفض الشعبي والرسمي العربي والإسلامي لسماح السويد ب إحراق نسخة من القرآن. وتواصل الاحتجاجات والمظاهرات في العديد من الدول العربية والإسلامية بعد واقعة السبت (2023/1/21). حين أحرق إحراق القرآن الكريم على يد زعيم حزب “الخط المتشدد” الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان، نسخة من القرآن قرب سفارة تركيا في العاصمة السويدية ستوكهولم، وسط حماية مشددة من الشرطة التي منعت اقتراب أي أحد منه أثناء ارتكابه.

أولاً في الشكل، حرق نسخة من القرآن الذي يعتبره مليارا مسلم مقدساً من قبل مسؤول يميني متطرف، وأمام السفارة التركية؟! ماذا يعني في التحليل الشكلي السريع: إنه يبعث برسالة تحريض وتأجيج للكراهية ضد المسلمين في السويد، ورسالة تأليب وكراهية ضد تركيا التي رفضت حتى الآن الموافقة على انضمام السويد الى حلف الناتو. وجرى ذلك بحماية الشرطة وموافقة السلطات على الرغم من معرفتها لأبعاد وتبعات الواقعة الخبيثة.ويبقى السؤال : من يقف ويدعم هذا الحرق “لأم الكتاب”؟

هل اليمين المتطرف فقط، أم الدولة العميقة في السويد، أم آخرون بينهم صهاينة من يقف وراء الفعل الشنيع؟

رد الفعل التركي

تركياً، تلقف الرئيس رجب طيب اردوغان الحدث ليجيّره كالمعتاد في السياسة لمصلحته ومصلحة حزبه وليظهر قيادته دائماً للموقف الإسلامي من الاحداث الدولية التي تخص الإسلام والمسلمين. وواصلت تركيا لليوم الثالث على التوالي رفض تلك الحادثة على كل المستويات. ووجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، “رسالة للسويد بألا تنتظر دعم أنقرة فيما يخص عضويتها في الناتو، طالما أنها لا تحترم المعتقدات الإسلامية”. وأشار أردوغان إلى أن أولئك الذين تسببوا في مثل هذا العار (حرق القرآن في السويد) يجب ألا يتوقعوا أي مكرمة من أنقرة فيما يتعلق بطلبات العضوية في الناتو.

وأوضح الرئيس أردوغان في خطاب له الاثنين، أن هذا الفعل القبيح في السويد (حرق نسخة من القرآن) هو إهانة ضد كل من يحترم الحقوق والحريات الأساسية للناس وعلى رأسهم المسلمون. وفي السياق، أعلن رئيس الشؤون الدينية في تركيا علي أرباش، أنه بحث الأحد، مع رؤساء الوحدات التابعة للشؤون الدينية تقديم دعاوى في محاكم 120 دولة، وتوجيه رسائل إلى أماكن مختلفة تظهر الموقف من الاعتداءات.

تصاعد الغضب العربي والإسلامي

وتواصلت احتجاجات، في الأردن ولبنان واليمن، ومعظم الدول العربية، رافضة سماح السويد بحرق المصحف، وذلك غداة تظاهرات انطلقت في تركيا وشمالي سوريا وجنوبي قطاع غزة بفلسطين. وفي الأردن، انتظمت وقفة احتجاجية قرب سفارة ستوكهولم بالعاصمة عمان، تنديداً بالحادثة.

وقال القيادي الإسلامي، علي أبو السكر، في كلمة له، خلال الوقفة: “مصحفنا باقٍ بإذن الله تعالى حتى لو أحرقوا نسخة منه”.

وخلال الوقفة، أشاد النائب الأردني، صالح العرموطي، في حديثه للأناضول، بالموقف التركي في رفض هذه الحادثة. ودعا العرموطي الأمتين العربية والإسلامية إلى الخروج بمسيرات رفض يوم الجمعة المقبل.

وفي الصومال، اعتبرت الخارجية، في بيان الحادثة “انتهاكًا صارخًا للمقدسات الدينية واستفزازًا لمشاعر المسلمين”، داعية السويد إلى اتخاذ “إجراءات قوية ضد تصاعد موجة الكراهية ضد المسلمين”. وفي السودان، أدانت الخارجية، في بيان، الحادثة، مستنكرة “تبريرات السلطات السويدية باعتبار الحادثة تندرج تحت مفهوم حرية التعبير”.

وعلى مدار يومي السبت والأحد، أدانت الحادثة 14 دولة عربية هي: دول مجلس التعاون الخليجي الستة (السعودية وقطر، والإمارات والكويت وسلطنة عمان والبحرين)، ومصر، والأردن، وفلسطين، والمغرب، ولبنان، والعراق والجزائر، وليبيا، في بيانات رسمية منفصلة.

مواقف دولية وأممية

وظهرت مواقف دولية وأممية، الاثنين، ترفض حادثة حرق نسخة من القرآن. ففي ألمانيا، أدان متحدث الخارجية، كريستيان واغنر، في تصريحات الحادثة، واعتبرها “عملا استفزازيا يهدف إلى إثارة الانقسام. وكان تصرفاً وقحاً وغير لائق للغاية”. وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، يوهانس باهركي، إن مثل هذه الممارسات لا تتماشى مع القيم التي يرتكز إليها الاتحاد. داعيا السويد إلى اتخاذ خطوات بشأنها.

كما وصف الممثل السامي لمنظمة تحالف الحضارات التابعة للأمم المتحدة، ميغيل أنجل موراتينوس تلك الحادثة بأنها “عمل دنيء وفعل يرقى إلى كونه كراهية للمسلمين”. وبخلاف تركيا أدانت دول إسلامية أخرى منها إندونيسيا، و ماليزيا، وباكستان وأفغانستان وإيران، تلك الواقعة، في بيانات رسمية منفصلة.

يذكر أن السويد تحتاج إلى موافقة تركيا كي تصبح عضوا بالناتو. لكن احتدمت التوترات بين البلدين خلال الأسابيع الأخيرة . الأمر الذي يعرقل محاولة ستكهولم للانضمام للحلف الغربي.

كما رفضت تركيا زيارة وزير الدفاع السويدي لأنقرة على خلفية حرق المصحف. وتصاعد التوتر بين ستوكهولم وأنقرة مؤخراً. وذلك عقب احتجاج مثير للجدل شهد تعليق دمية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان من قدميه فى ستوكهولم.

لماذا التعلُّل بالديمقراطية؟

ونجيء إلى السؤال الجوهري. هل الديمقراطية في الغرب تعني حرق معتقدات الآخر؟ بل هذا نقيض الديمقراطية.

وهل الديمقراطية تدعو الى الكراهية. ونبذ الآخر المسلم أو الأجنبي. وطرده من دول الغرب.

وهل تنحى الديمقراطية طريق العنف. وتأجيج التناحر والبغضاء بين مكونات المجتمع المتنوعة؟

فإذا كانت الإجابة بـ”لا” على الأسئلة أعلاه، لماذا لا يحرك الغرب ساكناً ويدعو الى تشريعات تجرم الحض على الكراهية والبغضاء والعنف ضد الآخر؟ سؤال سيبقى يؤرق المجمع الغربي حتى يجد طريقاً للإجابة عنه وسلوك السبيل الأنجع للمحافظة على التوازن والأمن داخل المجتمع المتنوع الإثنيات ليحل الاحترام والمحبة بدل الكراهية والنبذ للآخر.

التحليل حول إحراق نسخة من القرآن

حرق نسخة من المصحف الكريم أولاً يتسبب بزيادة مستوى الكراهية في المجتمع. وبث المزيد من جرعات “الإسلاموفوبيا”. وشد العصب المتطرف ضد المهاجرين الأجانب بشكل عام والمسلمين بشكل خاص. ويشرّع الأبواب أمام انتقال شرارة الكراهية الى مختلف الدول الاوروبية في وقت تعاني من أزمات اقتصادية وحياتية خانقة في ظل التدهور الاقتصادي الذي يعم الدول الاوروبية كافة.

يأتي ذلك نتيجة تبعات الحرب في اوكرانيا وارتدادات جائحة كورونا على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني. وبالتالي يكسب الفكر المتطرف المتمثل بالاحزاب اليمينية الكارهة للأجانب والمسلمين تحديداً. وتتراجع لغة الحوار وقبول الآخر. ولا يستبعد أن تكون الدولة العميقة هي من يشجع هذا النوع من السلوك المنحرف. وذلك في سبيل توجيه بوصلة السياسة باتجاه المزيد من التوجه نحو اليمين بأيادٍ متطرفة.

الرد العقلاني على إحراق نسخة من القرآن

لا يمكن أن يكون الرد مثلاً بحرق كتاب مقابل كتاب، فنكون بذلك قد ساعدنا حارق المصحف الشريف في نشر أفكاره المتطرفة. ولكن قد يكون أفضل رد ما قام به مجموعة من الشبان الأتراك بولاية ماردين جنوبي البلاد. الذين ردوا على حرق أحد المتطرفين نسخة من القرآن الكريم في العاصمة السويدية ستوكهولم، بتوزيعهم الزهور على الكنائس في منطقتهم. وقام الشباب بتوزيع الزهور على مسؤولي الكنائس في قضاء أرتوكلو بولاية ماردين. للتعبير عن رفضهم لإحراق القرآن الكريم.

وفي حديث لوكالة الأناضول التركية قال إبراهيم خليل يتيم. الذي وثّق بكاميرته لحظات توزيع الزهور. :”لقد فكرنا كشباب مسلمين كيف نرد على الحادثة التي وقعت في السويد؟

لذا علينا الامتثال لوصية سيدنا محمد، ليكون أفضل عمل نقوم به هو زيارة الكنائس. وبذلك نكون قد أعطينا البعد الإنساني العميق للتعاليم الإسلامية التي كرّسها خاتم النبيين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

2 thoughts on “لنكن عقلانيين لا انفعاليين في الرد على إحراق نسخة من القرآن الكريم”
  1. يتكلمون عن الديمقراطية والحرية ويخلقون الكراهية
    إنهم يحرقون انفسهم في قلوب عقلاء دول العالم من جميع الاديان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *