
لندن – جويس منصور: تبدأ أزهار الكرز اليابانية بالتفتح ابتداء من نصف شهر شباط ولغاية نصف شهر آذار، أي مع بدايات فصل الربيع. وبحلول الطقس الدافئ تكون البراعم فد تفتحت بالكامل، وزينت الطبيعة اليابانية بألوان زاهية جميلة.
أزهار الكرز هي أزهار وطنية في اليابان، تحظى بشعبية كبيرة. إذ إن اليابانيين ينتظرون هذا الموسم كل سنة بفارغ الصبر، ليقيموا العديد من النشاطات في أحضان الطبيعة. ويعتبر اليابانيون أن هذه الأزهار الناعمة الجميلة هي فرحة هذا الموسم. ويرمز تفتح أزهار الكرز في الثقافة اليابانية إلى هشاشة الحياة وطابعها العابر، فهذه الزهور لا تستمر سوى لأسبوع واحد قبل أن تتناثر لتغزو مكانها أوراق خضراء نضرة على أغصان الشجر.
الاحتفالات السنوية
ويقيم اليابانيون الاحتفالات على شرف أزهار الكرز المتفتحة حديثاً في شهري آذار ونيسان. فيلتقي الأصدقاء والعائلات للتنزه تحتها، والاستمتاع بفترة التفتح التي لا تدوم سوى شهر واحد. ويقصد السياح من جميع أقطار العالم اليابان خلال هذا الموسم، لينعموا هم أيضاً بجمال أشجار الكرز وأزهارها المتفتحة. وتتعدد أنواع أزهار الكرز. فبعضها وردي اللون والبعض الآخر أبيض أو عاجي. وهي تنمو في مجموعات عنقودية على نتوءات قصيرة. فتوحي للمشاهد وكأنها باقة منسقة حلوة للنظر. وتعيش أشجار الكرز عادة بين 15 – 20 سنة، إلا أن بعض الأصناف كالكرز الأسود تعيش 250 سنة.

ازهار الكرز ووصفات طبخ مختلفة
وعلى قدر افتخار اليابانيين بهذه الظاهرة الطبيعية، فهم أدخلوها في يومياتهم وفي مناسباتهم لباقي أيام السنة. فيحافظون بطريقة خاصة على أزهار الكرز، لتستعمل خلال أشهر السنة في صناعة وصفات مميزة من الحلويات اليابانية التقليدية. من الكيكات والبسكويت والسكاكر. وأيضا يصنعون منها الشاي بزهر الكرز الذي يتميز بطعم لذيذ جدا.
تقليد هانامي HANAMI
“هانامي” هو تقليد سنوي ابتدأ مع الأمبراطور وحاشيته في سنة 710م. فكان خلال هذا الموسم يخرج هو وحاشيته الى الطبيعة، للتنزه ولتناول الطعام تحت أزهار الكرز المتفتحة. فينعمون بالدفئ بعد أشهر الشتاء الباردة. وما زال اليابانيون حتى يومنا هذا يمارسون هذا التقليد المتجذر في ثقافتهم، فيلتقون لتناول الطعام في الهواء الطلق وهذا ما يسمى بالهنامي. والهنامي يبدو أفضل خلال الليل، لأن اليابانيين يعلقون المصابيح الملونة في الأشجار، مما يضفي أجواء رومانسية على المكان.
“دبلوماسية الكرز”… وجبل فوجي
وتستخدم اليابان هذه الأزهار كقوة ناعمة وديبلوماسية لتعزيز وتقوية علاقتها الخارجية بالدول الأخرى، ففي العام 1912، أهدت اليابان 3000 شجرة كرز للولايات المتحدة الأمريكية، لتنمية روابط الصداقة بين الشعبين. وقد تمت زراعة هذه الأشجار في ولاية واشنطن. وتحول موقع هذه الأشجار إلى موقع سياحي تاريخي لا بد من زيارته.
ويبقى مشهد جبل فوجي وراء أزهار الكرز المتفتخة في كل سنة، لا بد منه بالنسبة لليابانيين، الذين يتهافتون لأخذ الصور التذكارية ضمن هذا المشهد الخلاب.