الدكتور كامل فريد السالك

– (كاتب وباحث سياسي وحقوقي سوري مقيم في لندن)

حول الحرب الاستباقية وغزو العراق وفي ذكرى الغزو الأميركي، علينا أن نستذكر بتقدير كبير موقف الكنيسة الانغليكانية المشرف ضد الحرب على العراق. عندما وقفت ضد السلطة الزمانية وانتصرت لتعاليم المسيح. فقد صرخت بصوت عال ضد ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير وجوقتهم المخربة معلنة حقيقة تكشفت الآن للجميع بأن الحرب على العراق ظالمة وتفتقر لمقومات الحرب العادلة.

بأحرف من نور

سيذكر التاريخ بأحرف من نور موقف كل اللذين وقفوا ضد هذه الحرب من جاك شيراك في فرنسا إلى جيرهارد شرويدر في ألمانيا إلى البابا يوحنا بولس الثاني وغيرهم. كما أنه سوف يدين بشدة من أشعلها ومن شارك فيها. هذه نقطة ضوء في تاريخ الكنيسة الإنكليزية التي وقفت بحزم ضد السلطة الزمانية. وأضطلعت بدورها الأخلاقي، ولو أن بعضهم تصدى لها وحاول إخراسها باسم الفصل بين الدين والدولة.

صرخة في وجه الأميركي

صوت المطارنة الإنكليز صرخ آنذاك في وجه الاستنفار الأميركي البريطاني، وصرح للملأ: إن الدليل الدامغ لم يقم على أن العراق يشكل خطراً محدداً ووشيكاً على السلام والأمن الدوليين. وان الحرب المزمع شنها على العراق لا تستوفي شروط “الحرب العادلة” كما رسمها التقليد المسيحي منذ أوغسطينوس وتوما الأكويني. وبالتالي فإن الولايات المتحدة الأميركية لا تتمتع هذه المرة بالشرعية المعنوية التي أمنتها عندما حررت الكويت.

بيان المطارنة

وجاء في بيان المطارنة: “من الناحية الأخلاقية علينا ان نميز بين الدفاع عن النفس الوقائي، وهو مبرر أخلاقياً، وبين حرب استباقية، وهي محظورة أخلاقياً”. فتبرير الحرب الاستباقية يعطل القاعدة التي بموجبها لا يكون اللجوء الى العنف العسكري سوى آخر الخيارات. وبالتالي فان شن حروب استباقية ضد “تهديد مستقبلي” يطرح بالضرورة أسئلة حول النوايا والبواعث التي تؤسس لعمل كهذا.

تنبؤ المطارنة

الملفت للنظر أن مطارنة الكنيسة الأنغليكانية قد تنبؤًا بما يعاني العالم كله اليوم في حرب روسيا “الاستباقية” ضد أوكرانيا، عندما أعلن بأن القيام بحرب استباقية على العراق في هذا الظرف من شأنه ان يوسع من احتمالات اللجوء إلى القوة بشكل غير مقبول. وهذا ما أعلنه أيضا بسكوالي بورغوميو المقرب من البابا يوحنا بولس الثاني، في أول تشرين الأول 2002 بقوله: ان نظرية الحرب الاستباقية لا تشكل طعناً بمبادىء القانون الدولي وضربة لمصداقية الولايات المتحدة فحسب، بل انها سابقة خطرة في الميدان الدولي يخشى ان تستعملها في المستقبل بعض الاطراف. وهذا ما نشهده الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *