
تحليل إخباري
لندن – حسان حرب:
فحوى التحليل: هل الرئيس التونسي يمثل إرادة الشعب. الرئيس التونسي قيس سعيد، لم يصل الى سدة الرئاسة التونسية على أكتاف مناصرين لحزب ما. ولم يكن الرئيس حسب علمي ينتمي الى حزب سياسي اعتمده ليكون رافعة له للوصول الى تحقيق طموحاته والوصول الى السلطة. بل كان حالة فريدة ليظهر فجأة على رأس الهرم في السلطة والحكم في تونس ويفاجئ الجميع.

فكيفما يتلفت الرئيس التونسي سائلاً الدعم لا يجد غير السند الشعبي. حيث هناك العديد من الأحزاب القوية التي تحاول إقصاءه وإفشال تجربته لكي يخلو الجو لها للتفرد في السلطة.
من هنا جاء كلامه الأخير عبر المنصة الاجتماعية “الشعبية” فيسبوك. حيث تساءل العديد من المحللين والناس العاديين أسئلة عن مغزى طرح المبادرات والأفكار للرئيس التونسي من خلال فيسبوك؟
منصة فيسبوك؟
الجواب هي ان فيسبوك الأقرب له للوصول الى قاعدته الشعبية فهو معروف عنه تواضعه وقربه من القواعد الفقيرة والمهمشة. وهذا ما يفسر كلامه بأن الحل عند الناس العاديين. ففي تسجيل مصور نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على “فيسبوك”، وعد الرئيس التونسي، قيس سعيد، مساء الثلاثاء، بأن يقدم قريباً على “مبادرات تستجيب لمطالب الشعب”.
الرئيس التونسي عبّر عن استعداده لإجراء وإدارة حوار وطني. مشترطاً أن يكون مختلفاً عما سبقه للبحث عن “حلول جدية”. وما يؤكد إصرار الرئيس على المراهنة على الإرادة الشعبية عقد أحد اجتماعاته أمس في قصر قرطاج مع أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي، (15 نائباً من 217) ليقول سعيد في رسالة ذات مغزى تشدد على مطالب الشعب والأمانة الوطنية التي يحملها: “نريد أن نبني تاريخاً جديداً على قيم أخلاقية وقواعد قانونية، ونرفض أن توظف هذه القواعد لتصفية حسابات سياسية. اخترنا طريق الحق وطريق مطالب الشعب، وهي أمانة نحملها.. ومن حمل أمانة لا يمكن أن يكون إلا أمينا مع الشعب وأمينا مع نفسه”.
وزيادة على ذلك، وشدد الرئيس على أن الحق لمن يحاسبه يعود للشعب قائلاً: “ليس لي حساب معهم (لم يسمهم) الحساب مع الشعب التونسي”… “سأتقدم قريباً بمبادرات تستجيب لمطالب الشعب”. وتواجه تونس أزمة سياسية منذ بداية هذه السنة. إذ تسود خلافات بين سعيد ورئيس الحكومة، هشام المشيشي. وذلك بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/كانون الثاني الماضي. وتواجه تونس أزمة اقتصادية حادة زادتها حدةً تبعات انتشار “كورونا”،
رفض الدعوة
ورغم مصادقة البرلمان على التعديل، إلا أن سعيد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه. معتبرًا أن التعديل شابته “خروقات”. الأمر الذي يرفضه رئيس الحكومة هشام المشيشي.
وفي توجه وطني لا يغيب عن حساباته أعرب الرئيس سعيد، أمس، عن استعداده لحوار وطني “كي تخرج تونس من الوضع الراهن”. لكنه استدرك قائلاً إن “هذا الحوار لا بد أن يكون مختلفا عمّا عرفته تونس في الأعوام الماضية، ويجب البحث عن حلول جدّية لقضايا الشعب”. واعتبر أن “تشخيص المشاكل متفق عليه.. أما ما هو موضوع خلاف، فيتعلق بالنزاعات المعلنة وغير المعلنة حول المناصب والامتيازات”.
والملاحظ أننا نشهد رئيساً للمرة الأولى يترك مسألة الحل والربط بيد الشعب. فقد أضاف في كلامه على فيسبوك: أن الشعب التونسي شخّص مشاكله بنفسه، ويمكن أن يكون الحوار إطارا تُحدّد فيه وتُرتّب الحلول النابعة من الإرادة الشعبية.
وكان سبقه في هذا الطرح الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية). التحاد الذي أطلق مبادرة لإجراء حوار وطني للخروج من الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية في تونس في ديسمبر/كانون الأول الماضي. ولاحقا قبل سعيد الإشراف على هذه المبادرة.
حوار تشاركي

وتقوم المبادرة على حوار “تشاركي شامل يرسي أسس عدالة اجتماعية، ويعدل بين الجهات ويسوي بين التونسيين، ويحد من الفقر والجور والحيف الاجتماعي”، وفق الاتحاد. ولكن يبقى السؤال هل يمكن التعايش بين الرئيس سعيد وحركة تحاول بشتى الوسائل إفشال عهده ودفعه الى التراجع.
في المبادرة المقبلة، ما سيقوله الرئيس هو موضع ترقب العديد في تونس. ليبقى السؤال هل ستستطيع تونس الخروج من عنق الزجاجة والانتصار في معركة الاستمرار والتقدم والحرية و”حكم الشعب”؟
الآمال ضئيلة ولكنها قد تكبر اذا تحسس الجميع المسؤولية الوطنية الكبرى التي هي فوق الجميع لانتشال البلاد من أخطر أزمة سياسية تواجه البلاد منذ الثورة الأخيرة واسقاط الرئيس بن علي.