لندن – تيا ضومط: 

ساد اعتقاد في أوروبا القديمة في القرون الوسطى أن طائر البجع الأم تنقر صدرها بمنقارها حتى تفتحه، وتنزف الدماء، لتطعم صغارها من دمها في حال لم تستطع أن توفر لهم ما يكفي من الطعام. حتى أن البعض اعتقد أن البجعة لديها القدرة على إعادة صغارها الذين يشرفون على الموت إلى الحياة من خلال منحهم دماءها.

وقد استمر هذا الاعتقاد سار في أوروبا خلال القرن السابع عشر، كما يظهر الرسم الذي نفّذ أواخر القرن السادس عشر، إثر دراسة أقيمت على النباتات والحيوانات، ونشرت نتائجها في العام 1622 للتأكيد على هذه الحقيقة، وقد نفذ هذا الرسم لهذا الغرض.

يقول الوصف في أسفل الصورة: “طائر البجع الأم تعيش بالقرب من نهر النيل والمستنقعات في مصر. وهي تحب صغارها لدرجة أنّها تنزف الدم، فيعيدهم إلى الحياة.”

قصة البجع والكنيسة الأولى

وأشارت الأبحاث الى أن تاريخ هذا الاعتقاد يعود إلى الكنيسة الأولى في القرن الثاني الميلادي. وقد أشارت دراسات عن الكنيسة الأولى تبنيها لفكرة البجع، وكيف أنّه يسفك دمه من أجل صغاره. وشبهّت طائر البجع بالسيد المسيح الذي ضحى بنفسه من أجل خلاص العالم. ووجد الباحثون العديد من الرموز الفنية التي يظهر فيها طائر البجع.

 وقد تأثرت الكنيسة الأوروبية بهذه القصة، وطبعاً الفن المسيحي الأوروبي، الذي استمرّ باعتبار طائر البجع رمزا من رموز الكنيسة المسيحية الكاثوليكية، وترجم ذلك من خلال الأعمال الفنية المسيحية، طالرسم والنحت والفسيفساء.

ما حقيقة هذا السلوك الدموي؟

أمّا مؤخراً فقد لاحظ علماء الأحياء أنّ طائر البجع الأم تنقر صدرها حتى النزف، لتعطي دمها لصغارها الذين لدغتهم الأفعى.

لذا، فإن التفسير العلمي وراء ذلك هو أنّ البجع يتغذى من الأفاعي، وبذلك يكتسب مناعة من سمّها، الذي يصبح ترياقاً. وحين يلعق أطفالها الدم من على صدرها يكتسبون المناعة اللازمة للبقاء على قيد الحياة والقضاء على السم.

غريزة الحيوان تعلم الكثير للانسان عن محبة الوالدين غير المشروطة لأطفالهم، وعن قدرة الله اللامتتاهية في تنظيم أدق التفاصيل في هذا العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *