لندن – ليبانون بوست: بات واضحاً من سياق الأحداث والتطورات في المنطقة، أننا ذاهبون لنشهد تغييرات جوهرية في التحالفات والعلاقات بين الدول في المنطقة. وخصوصاً في سوريا ولبنان. والمتغير الأول هو العامل الأمريكي الذي يحرّك خيوطاً كثيراً في لعبة الأمم.

فبينما يشهد لبنان تدهوراً اقتصادياً لا مثيل له في تاريخه وجموداً سياسياً خانقاً جاء كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله. ليعيد صياغة قواعد اللعبة في المشهد اللبناني من جديد. حيث أكد في كلمته الأخيرة مرات عدة أنه مصرٌ على الحصول على النفط الإيراني وأن السفن الإيرانية “ستصل قريباً الى لبنان” لحل أزمة المحروقات.

بالطبع قرار كهذا والذي يتحدى الحظر الأمريكي على بيع النفط الإيراني سيستدعي رداً من واشنطن سريعاً لم يستغرق صدوره إلا ساعات بعد كلمة السيد نصر الله. وجاء الرد على لسان السفيرة الامريكية في بيروت دوروثي شيا في لقائها مع الرئيس اللبناني ميشال عون والتي أكدت أن أمريكا ستساعد لبنان على الحصول على الغاز والكهرباء من مصر عبر سوريا.

ماذا يعني ذلك؟

وماذا عن “قانون قيصر” الأمريكي الذي يمنع التعامل مع دمشق والأسد؟

لقد تناست واشنطن “قيصر” وجرى تنسيق أمريكي – سوري باتصال مباشر أو غير مباشر مع دمشق للإقدام على هذه الخطوة. بحيث ترحب واشنطن بمرور خطوط الطاقة والغاز والكهرباء عبر سوريا الى لبنان. وتتالت الأخبار المتصلة والناتجة عن هذه المواقف. والتي أعطت ضوءاً أخضر للعبور الى دمشق، أثمرت تنظيم زيارة وفد وزاري ثلاثي لبناني برئاسة نائبة رئيس الوزراء زينة عكر وتزامناً كان وفد لبناني يزور الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق.

وفي الأثناء نشرت صحف عربية وتركية بينها جريدتا “القدس العربي” و”الشرق الأوسط” عن لقاء قريب سيعقد بين رئيسي المخابرات التركي والسوري في بغداد. تزامناً يجري الحديث في الصحافة والأخبار عن تقارب بين الرياض وطهران. وكذلك بين طهران وباريس.

لنسأل من جديد هل يمكننا ربط كل هذه التطورات في المواقف والتصريحات والأخبار؟

وفي السياق، نشرت صحيفة “التايمز” تقريراً لمراسلها في المنطقة تحت عنوان “الأسد وبايدن ينسقان لحل أزمة الكهرباء والوقود في لبنان”. ومما جاء فيه أن دمشق وواشنطن عبرتا عن استعدادهما للتعاون في خطة إنقاذ للبنان. وذلك عن طريق توفير الطاقة الكهربائية، تعد إشارة إلى تحول آخر في سياسة الشرق الأوسط بقيادة الرئيس جوزيف بايدن بعد ما جرى من انسحاب تراجيدي أمريكي من أفغانستان لصالح حركة طالبان.

سوريا مستعدة للتعاون

 وقال مسؤول في دمشق حسب الصحيفة إن “سوريا مستعدة للمساعدة” على استيراد الغاز المصري عبر الأردن وسوريا، وجاء كلامه بعد زيارة وفد وزاري لبناني إلى دمشق. وتشير “التايمز” الى أن الخطة أعلنت عنها سفيرة أمريكا في لبنان شيا الشهر الماضي . الموقف الذي فاجأ المراقبين في المنطقة. ويتم بموجبها رفع جزئي للعقوبات الأمريكية عن سوريا.

وتؤكد الصحيفة أن مقترح تزويد لبنان بالغاز يعني استخدام أجزاء من شبكة “الأنابيب العربية” إلى مصر. وتم تقديم الخطة على أنها أمر ضروري جداً لوقف تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان.

وكانت شيا ترد على خطة بديلة يقوم بها حزب الله بترتيب استيراد النفط الإيراني عبر سوريا. وجرت تكهنات حسب “التايمز” حول محاولات إسرائيلية وأمريكية لاعتراض السفينة ومنعها من الوصول إلى سوريا. لكن لا توجد أية وسائل قانونية لديهما. ويقول حزب الله إنه سيستخدم الوقود من أجل الأغراض الإنسانيةوبينها دعم المستشفيات.

ويقترح رد واشنطن على الأزمة أن إدارة بايدن تعمل في الوقت الحالي على فتح خطوط الاتصال مع سوريا بدل إيران. كما يجري إقناع أمريكا عن طريق حلفائها الإقليميين بأن الطريقة الوحيدة للحل هي بالسماح لدمشق بالعودة للحظيرة العربية. وذلك في مجال التجارة والاعتراف الدبلوماسي بها بدل تركها في أحضان طهران.

وإذا تم تجميع العناصر الجديدة في مجمل هذه الأخبار يتبين لنا بأن ثمة تطورات أكيدة ستحصل قريباً في المنطقة. وأنها تهيئ للحل في سوريا وخروج أمريكا منها كما خرجت من أفغانستان بعد الاتفاق على حل سياسي. وقد نشهد من ضمن التطورات المستجدة تشكيل حكومة لبنانية جديدة قريباً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *