بقلم فاطمة يحيى

صدر عن دار قُمرة في بيروت، كتاب “سين جيم الكتابة”، للكاتبة الباحثة زينب صالح، في معرض بيروت الدّولي للكتاب أوّل شهر آذار. الكتاب جمع تجارب 20 أديبًا حول العالم العربي. وجاءت في حوارات أعدّتها الباحثة، لتجيب عن موضوعات مختلفة في الكتابة، تشكّل مرجعاً للمثقّف والكاتب على حدٍّ سواء.

ولأنّ الكاتبة هي مدرّبةٌ على الكتابة في لبنان والعالم العربيّ، فقد أرادت أن تجيب عن أسئلة عشّاق الكتابة والقراءة، وتعرّفهم على عددٍ من الأدباء المبدعين. وتختصر لهم المعلومات سواء في فنّ كتابة الشّعر أو الرّواية أو القصّة القصيرة.

المقدمة بشكل عام: لماذا نكتب؟

ذلك الفن الأدبي العريق. الفن الّذي ما هو إلّا جزء بسيط من خبايا النفس الإنسانية. هل يكتب الكاتب هروبًا من واقع ما. أم لتجسيد آلامه الّتي لا تنضب؟ ربّما هي وطنٌ جميلٌ، عوضًا عن الوطن الّذي فُقد. الكتابة هي ذلك المسكن في الغربة الّتي طالت. وسلاحٌ في ضروس الحروب. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها أدباء من مختلف البلاد العربيّة.

باب الشّعر العربيّ

الباحثة زينب صالح مع الشاعر العراقي والكاتب محمد كاظم في معرض الكتاب في بيروت 2022

ثمّ ندخل في الحوارات، فيطالعنا باب الشّعر العربيّ. حيث استضافت الباحثة عددًا من الشّعراء. منهم الشّاعر الكبير محمد علي شمس الدّين. أمّا الباب الثاني فهو حول كتابة القصّة والرّواية، والفرق بينهما. ويتناول هذا القسم تجارب وآراء ونصائح أدباء وروائيين عرب من العراق والجزائر مع العربي بنجلون، وعمق الأسئلة الّتي طُرحت عليه، مرورًا بالقاصّ الجزائري محمد جعفر وبساطة ردوده، ثم لقاء الروائي علي نسر وصالح إبراهيم وفلسفة الكاتب محمد حياوي لا سيما في الشّق الذي تناول فيه موضوع المرأة في كتاباته، وأخيرًا الدكتور نضال الشّمالي من الأردن حيث تناول موضوع النّقد الكتابي.

ثمّ وبشغف، تُدخلنا الباحثة، القسم الثالث حيث أدب الطفل. وهذا القسم غنيٌّ جدًّا، بعدّة موضوعات تخصّ الكتابة لعالم الأطفال واليافعين، حيث تضيء على صعوبة هذا النّوع من التّاليف، وكيف يمكننا الإبداع فيه، حيث نأخذ النّصائح والعبر من الشّخصيات المُحاورة الّتي لها باعٌ طويل في التأليف والإبداع وقد حصلت على جوائز عديدة في العالم العربي. فكانت بداية الحوارات مع الكاتب أحمد قرني الملقّب بـ”حصّاد الجوائز” من مصر، الّذي أكّد على وجود ملكة الإبداع عند الجميع ولو بشكل متفاوت، وحثّ على أهمية ما يعطى من أدب للطفل ومعاناة الكاتب الحقّة في سبيل تحقيق الأفضل، مع ذكر عناوين لبعض قصصه التي يغلب عليها طابع المغامرات بعمق فلسفي يلمس شغاف تفكير الطفل وخياله.

مقابلات

ثمّ تطالعنا مقابلة الدكتورة وفاء الشامسي من عمان الّتي حكت عن نشأتها وحبها للقراءة والكتابة وصولاً إلى تأسيس صالونها مساءات ثقافية ومنصة (fw) بأهدافها وبرنامجها الثّقافيّ الغنيّ. وبعد ذلك كان لنا وقفةٌ مع الأديب الكبير الدكتور فاضل الكعبي وما قدّمه للشعر والكتابة القصصية في مجال أدب الأطفال. لينهي حديثه بقصيدة للأب لطيفة تدعو للالتفات والتّغني بدور الأب الحنون مثلما يتغنّى الآخرون بالأمّ.

يلي الدّكتور الكعبي الكاتبة القطرية شيخة الزّيارة الّتي حكت عن دور الكتاب وأهميته ثم علاقته بالكتاب أو القصة الرقمية من أجل مواكبة التطور وخفض الكلفة على الأهل، ثم تحدّثت الكاتبة ماريا دعدوش من سوريا. وخصّت إنجازها “كوكب اللامعقول” بناءً على أسئلة الباحثة، الرّواية الّتي تحاكي الحرب السورية، وقضيّة اليوتيوب وتأثيره على حياة الأطفال والمراهقين. وانتهى هذا القسم بلقاءٍ مع سناء شبّاني وعالم الطفل المليء بالعطاء، فهي المعلمة والمدربة الكشفية والموسيقيّة الّتي أبدعت في عالم الكتابة للطّفل.

إشكاليّات النّشر

الباحثة زينب صالح في معرض الكتاب في بيروت 2022

نصل رابعًا إلى قسم خاصّ بدور النّشر، حيث كانت اللّقاءات مع مؤسّس دار البنان الدّكتور سلطان ناصر الدين من لبنان، ثم مؤسّس دار قرطاس الكاتب علي العوضي من الكويت، حيث تحدّثا عن إشكاليّات النّشر، وقضية الكاتب والدّار، القضيّة المركزيّة التي تدور حولها سجالات كثيرة، إذ تناول هذا الجزء عقبات الناشر، وأهمها عمليتا الرقابة والمنع، إضافة لعقبات يحددها الزمان والمكان، وحقوق الكاتب في ظل القرصنة الإلكترونية، إلى الربح المادي من فعل الكتابة والنّشر.

ثم خامسًا انتقلنا الى أهميّة الكتابة في عملية التشافي، فالكاتب أولًا يكتب من أجل نفسه، من أجل أن يحكي للأوراق ما لا يستطيع قوله للآخرين. فكان الحوار مع الكاتب والمعالج النّفسي الدّكتور انطوان الشّرتوني الغنيّ عن التعريف الذي حكى عن ارتباط الكتابة بالتّوازن النّفسيّ، الأمر الّذي أكّدت عليه المعالجة النفسية لولا خليل في حوارها التّالي، حيث أسهبت في الحديث حول أهمّية الكتابة كعملية تفريغٍ، وعلاقة الكتابة بعلم النفس، وذكرت تجارب جميلة لبعض الكُتّاب.

ورش شبابية نّاشئة

وأخيرًا تناولت الباحثة الحديث عن الورش الشبابية النّاشئة. ثم دورات التدريب على الكتابة وأثرها على المشهد الكتابي. وتحدّثت الناّشطة غدير سرور عن تأسيس نادي القراءة. وأهميّة هذه النّوادي في المجتمع الشبابي العربي. كذلك فعل الأستاذ حيدر عطوي مؤسس لنادي القراءة في العالم الافتراضي (فيس بوك)، حيث ذكر فوائد هذا النّادي. ومنها سهولة التّواصل ونشر ثقافة القراءة ربما بكلفة أقل. كذلك تكلّمت زينب قصير عن افتتاحها لمكتبتها في الظروف الصعبة، وشغفها في التحدّي من أجل صناعة ما يُناسب القرّاء. وقالت “برأيي القارئ، يبحث عن الجمال لذلك يلجأ إلى الكتب.

وأخيرًا تناولت الباحثة إشكاليّة التّدريب على الكتابة، هل هي موهبة فطرية أم حاجة يتمّ صقلها؟ واستشهدت بآراء المدرّبين مثل واسيني الأعرج ووهيب كمالي. وتلك الصّفات التّي يجب أن يتحلّى بها المدرّب، مع ذكر كتب للتدّريب على الكتابة. وختمت الباحثة الكتاب بآراء بعض المتدربين على الكتابة من مختلف أنحاء الوطن العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *